يمكن أن نؤرِّخ لبداية الكتابات المعاصرة التي اشتغلت على التأسيس لمفهوم الدولة من منظور إسلامي منذ سقوط الخلافة العثمانية. إذ اهتمت أساسًا بالدفاع عن فكرة وجوب الخلافة/ الإمامة / الدولة في الإسلام ردًا على كتابات فكرية أيدت فكرة عدم وجوب الخلافة، وأبرزها كتاب (علي عبد الرازق 1888- 1966) الذي استنتج في نهايته أنّ "الدين بريء من تلك الخلافة التي يتعارفها المسلمون، وبريء من كل ما هيَّأوا حولها من رغبة ورهبة، ومن عز وقوة". ويُعد (فرح أنطون 1874-1922 ) من المفكرين المؤسسين في تلك الفترة لفكرة علمنة الدولة، أو فصل السلطة الزمنية عن الروحية. ولقد كان كتاب "الخلافة أو الإمامة العظمى " لـ (رشيد رضا 1865-1935 ) محاولة للرد العلمي على أطروحة نفي وجوب الخلافة؛ إذ بسّط الأحكام الشرعية المتعلقة بالخلافة الإسلامية، واستنتج في النهاية وجوبها.
لم يكن استقرار مفهوم الدولة المدنية على مواصفات كبرى سهلًا على مستوى تطور الفكر السياسي الغربي؛ إذ تطلب الأمر مخاضًا طويلًا من البحث عما يرتقي إلى مستوى تمدن الحياة المجتمعية العامة. لقد كان لعصور هيمنة الكنيسة بأفكارها التسلطيّة التي وظفت فيها الدين أثرٌ كبير في التأسيس لثورة فكرية هدفت إلى تحرر الإنسان من كل فكر متسلط. إنها رحلة منشؤها كهوف مظلمة يتبع أصحابها نورًا يخرجهم إلى شمس الحرية، كما سنرى في السطور القادمة أهم مراحل نظرية الدولة في الفكر السياسي الغربي.
مثلّت عصور سيطرة الكنيسة العلامة الأساسية لهذه المرحلة؛ فالتسلط الذي كانت تمارسه باسم الدين واحتكارها الحقيقة المطلقة، رافقه فكرٌ يدعم سلوك الكنيسة من خلال تأييده لفكرة السلطة المطلقة باسم الدين. ويمكن استدعاء كتابات (جان بودان) و(جاك بوسويه) في هذه الناحية. لقد كانا من المدافعين عن الحق الإلهي للملوك والأمراء، وعن سلطتهم (الإلهية) المطلقة.
يقول (جان بودان 1930-1596 ) في كتابه المشهور(كتب الجمهورية الستة): " بما أنه لا يوجد أي أحد أكبر في الأرض، بعد الله، غير الأمراء السياديين، وأن الله اختارهم ضباطًا ليقودوا الناس الآخرين، فإن الحاجة ضرورية للنظر في مكانتهم من أجل احترام جلالتهم بكل طواعية؛ لأن الذي يحتقر أميره صاحب السيادة يحتقر الله الذي هو صورته على الأرض".
ويعبّر (بوسويه) عن فكرة سلطة الملوك الإلهية المطلقة بشكل صريح، فيقول: "إن سلطة الملك مطلقة، ولا يمكن لأحد أن يحاسبه سوى الله، وفي حالة سوء سياسة الملك، فما على الناس سوى الدعاء إلى الله بأن يهديه الصراط المستقيم لتستقيم أموره؛ لأن الملك ظل الله في أرضه".
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان